بحث متقدم   
 
الصفحة الرئيسة / الحلقات الرجالية / نماذج من بحوث الطلاب والفوائد / بر الوالدين
بر الوالدين

بر الوالدين

بقلم: عبد الرحمن البديوي

الدرجة المستحقة: 42 درجة


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه ودعا بدعوته إلى يوم الدين.

يسرني ويسعدني التقدم في هذا البحث القيم الصغير في حجمه الكبير في قيمته، لاسيما وأنه يعالج موضوعًا مهمًا من الموضوعات. التي غفل عنها كثير من الناس اليوم جريًا وراء المادة تارة، ووراء شهوات النفس ومحبوباتها وتفضيلها على كل شيء تارة أخرى ووراء المرأة والصديق. غير مهتمين ببر الوالدين – إلا ما رحم الله-

أخي المؤمن....

في عصرنا الحار جحود بالفضل، ونكران للجميل، وانغماس في الشهوات، وتمتع بالباطل، وفرار من معاني الروح وتسابق إلى أحضان المادة.

في مجتمعنا الحالي عقوق للآباء، وبغض للأقرباء وحسن بين الجيران، وغدر بالأصحاب وخيانة للأمانة، وغش في المعاملات.

فإلى أين نسير؟

قف أيها العاقل، قليلاً كي نبين الطريق، ونحدد الغاية، وإلى فالنهاية الخاسرة تنتظرنا إن لم تعتمد إلى نفوسنا فنقومها، وأخلاقنا فنحسنها، وطباعنا فنهذبها، ومعاملاتنا فنصلحها.

ولنبدأ بالنفس فننير لها السبيل، ونحدد ما لها من حقوق وما عليها من واجبات، فإذا استقامت رسخت دعائم المجتمع قوية متماسكة.

تعريف بر الوالدين:

إن تحديد تعريف بر الوالدين يتطلب معرفة معنى البر لغويًا واصطلاحيًا. البر في اللغة:

ذكر المعجم الوجيز معنى البر في اللغة فقال: (بر) فلان والديه توسع في الإحسان إليهما ووصلهما. فهو بار جمع بررة وهو بر جمع أبرر.

(والبر) اسم من أسماء الله الحسنى، وفي القرآن الكريم: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ(1).

و(البر) الخير.

وقال الرازي في مختار الصحاح: (البر): ضد العقوق وكذا المبرة تقول بررت والدي بالكسر، وأبره برًا فأنا بر به وبار.

وجمع البر أبرار وجمع البار وبررة وفلان يبر خالقه ويبرره أي يطيعه.

وجاء معنى البر في الحديث النبوي الشريف عن النواس بن سمعان الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: « البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس».

وقال النووي في شرح الحديث: قال العلماء: البر يكون بمعنى الصلة وبمعنى العطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة.

البر في الاصطلاح:

ويقصد ببر الوالدين طاعة الولد لوالديه فيما يأمرانه به من المعروف وإكرامهما والعمل على كسب رضاهما والتفاني في خدمتهما وفي إنجاز أعمالهما في أسرع وقت ممكن.

لقد أولى القرآن الكريم بر الوالدين اهتمامًا عظيمًا، ووصف الله تعالى في كتابه العزيز التعب والعناء الذي يصيب الأم أثناء فترة الحمل وخلال الولادة وبعد ذلك الرضاعة، وينبغي على الولد أن يشكر الله على نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، وأن يشكر والديه لأنهما هما السبب في وجوده في هذه الحياة بإذن الله. قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ(2).

ووصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببر الوالدين في أحاديث كثيرة وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: « الصلاة لوقتها» قال: ثم أي؟ قال: « ثم بر الوالدين».. قال ثم أي؟ قال: « الجهاد في سبيل الله».

وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله يوصيكم بأمهاتكم (ثلاثًا). إن يوصيكم بآبائكم. إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب».

وعن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: « رضى الرب في رضى الوالدين وسخطه في سخطهما».

(المرجع كتاب بر الوالدين للشيخ عبد الله بن جبرين)

وهذا والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله

وصحبه أجمعين


(1) سورة الطور: الآية: 28.

(2) سورة الأحقاف: الآية: 15، 16.