بحث متقدم   
 
الصفحة الرئيسة / الحلقات الرجالية / نماذج من بحوث الطلاب والفوائد / الأخلاق الإسلامية
الأخلاق الإسلامية

الأخلاق الإسلامية

بقلم: مشاري بن عبد الرحمن الحسين

الدرجة المستحقة: (50درجة)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله قوة كل ضعيف ومفزع كل ملهوف من عاش عليه رزقه ومن تكلم سمع نطقه ومن سكت علم سره ومن مات فإليه منقلبه والصلاة والسلام على البشير النذير ذي الخلق العظيم الذي محا الله به الظلمات وأعلى به منار الأخلاق. وبعد:

فإن خير ما يتحلى به المؤمنون الأخلاق وأفضل ما يسعى إليه المرء التأسي برسول الرحمة الذي قال الله تعالى عنه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ(1).

وبما أن الأخلاق لا غنى عنها للمرء والجماعة لمالها من أهمية بالغة في الإسلام ومكانة وتأثير في سلوك المرء وما يصدر عنها وقيمة المرء تتوقف على نوع المعاني الأخلاقية التي يحملها من حيث جودتها ومدى رسوخها في النفس والقلب ولا يكفي المرء أن يتكلم أو يتحدث عن الأخلاق فلابد من رسوخ قدمه فيها حتى تكون سجيه من سجاياه كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلق النبي فقالت [خلقه القرآن].

ونظرًا لأهمية الأخلاق وعزوف البعض عن الكتابة عنها واتجاه العصر الحاضر نحو المادة والحضارة الغربية الماجئة وما تحمله من سلوك لا أخلاقي فإنه من أسباب اختياري البحث في هذا الموضوع هو هذا السبب فقد وقع اختياري على الأخلاق الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة فأحببت أن أنتظم في سلك أهل الأخلاق وأتشبه بهم إن لم أكن منهم فأقدم للخلف نبذة مما كان عليه سلفهم الصالح من الأخلاق تضمنت:

1- تعريف الأخلاق.

2- إعداد الفرد خلقيًا.

3- مكانة الأخلاق.

4- دور الأخلاق في الدعوة إلى الله.

5- التذكير بالكتاب والسنة وأهميتها في ترسيخ الأخلاق.

فالخلق: هو الدين والطبع والسجية.

وحقيقته أنه صورة الإنسان الباطنية وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها.

أما الأخلاق:

هي مجموعة من المعاني والصفات المستقرة في النفس وعلى ضوئها يحسن الفعل في نظر الإنسان أو يقبح.

وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة فقد اتصف بالأوصاف الخلقية المحمودة كالعلم والحلم والخلق الحسن أخرج الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: [خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي/ أف قط ولا قال لي لشيء فعلته لما فعلته؟ ولا شيء لم أفعله ألا فعلته؟] فدور الخلق لا يكون حقيقيًا حتى تمتلئ به النفس فيكون ما يصدر عن الفرد إنما هو قبس من نور الخلق الذي يتحلى به وللخلق مكانة عظيمة في الإسلام ومواقف جليلة وإشاعة الأخلاق بين الناس جاءت في كثير من الآيات والأحاديث الشريفة.

فمن الآيات القرآنية قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(2) ومن الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم « أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا» كما أن المؤمنين يتفاوتون بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه منزلة يوم القيامة أحسنهم خلقًا كما جاء في الحديث: « ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني منازل يوم القيامة؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: أحاسنكم أخلاقًا».

فالأخلاق الإسلامية تشمل جميع أعمال الإنسان الخاصة بنفسه والمتعلقة بغيرة وشمولية معاني الأخلاق الإسلامية في جميع المجالات ففي الدعوة لها دور كبير حيث قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(3).

فشمولية الأخلاق مما لا نجد له نظير في أي تشريع من الشرائع الإسلامية ولا نلمسه في أي شريعة أخرى وضعية فالأخلاق الإسلامية شاملة ترى أنما هو قبيح في علاقات الأشخاص قبيح في علاقات المجتمع وكل ما كان مطلوبًا وجميلاً بين الأفراد يكون مطلوبًا وجميلاً في المجتمع وبناءً على ما سبق فإن أخلاق الإسلام ترتكز على الدين الإسلامي نفسه أما الأخلاق في المذاهب المغايرة للإسلام فإنها قد تخبطت كثيرًا حين ارتكزت على الفلسفة وحدها لأن الفلسفة غالبًا لا تقبل شيئًا فوق العقل فالأخلاق الإسلامية وليدة العقيدة الإسلامية النقية المشرقة المؤثرة كما أنها آثار من آثار العبادة الحقة الصادقة لله وحده وفي ختام هذا البحث تذكروا واجعلوا ذلك في مخيلتكم وتعاملكم فعندما نتذكر هذه الآية ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) فإن وصف محمد صلى الله عليه وسلم بالعظمة الأخلاقية لم يرد لأي إنسان بهذه الصورة في القرآن الكريم وفي الآية لفت نظر للناس إلى أن مبلغ الرسالة العظمى ليس إنسانًا هينًا وإنما هو مؤهل بأجمل الأخلاق الإسلامية وعلى المسلمين بمقتضى هذا الخلق العظيم النابع من القرآن الكريم أن يتخذوه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لأنه بلغ في كل خلق أقصاه وأسماه وارجوا ممن رأى هذا البحث وقرأه أن يصلح الخلل ويعفو عن الزلل وأختم قائلاً اللهم اجعل أعمالنا خاصة لوجهك الكريم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(1) القلم: 4.

(2) الحجرات: 11.

(3) النحل: 125.

(4) القلم: 4.