الصفحة الرئيسة / الإصدارات والأعمال الدعوية / كتيب معالم من منهج أهل السنة والجماعة
كتيب معالم من منهج أهل السنة والجماعة

الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واتّبع سنته إلى يوم الدين أما بعد :

لا شك أن طريق ومنهج أهل السنة والجماعة هو المنهج السليم الذي أمر الله بالسير عليه، وأمر النبي -صلى الله علي وسلم- بالسير عليه.

قال الله سبحانه وتعالى في آخر الوصايا العشر في آخر سورة الأنعام ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الأنعام 153 وهو الصراط الذي نسأل الله أن يهدينا له ويثبتنا عليه في كل صلاة نصليها وفي كل ركعةوذلك حينما نقرأ سورة الفاتحة في آخرها ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ الفاتحة 6،7

ففي هاتين الآيتين بيان الصراط المستقيم والصراط المنحرف. الصراط المستقيم : هو الذي بين الله أهله في قوله تعالى ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ النساء 69

وبيّـنهم النبي -صلى الله علي وسلم- حينما قال: «إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ » أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة اخبر -صلى الله علي وسلم- خبراً معناه التحذير حيث قال: «إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا » والأمر بالثبات على الحق عند الإختلاف والحق إنما هو في سنة رسول الله -صلى الله علي وسلم-

والمراد بسنة رسول الله -صلى الله علي وسلم- : هي الطريقة التي كان عليها وكان عليها خلفاؤه وكان عليها من يأتي بعدهم ممن اقتدى بهم

كما قال تعالى:﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التوبة «100»

ولذلك سموا أهل السنة لانهم يسيرون على سنة الرسول -صلى الله علي وسلم- وسموا بالفرقة الناجية وذلك لأنهم نجوا من النار بخبر رسول الله -صلى الله علي وسلم- حينما قال«وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّه قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي » أخرجه الترمذي

فسموا بالفرقة الناجية لأنهم نجوا من هذا الوعيد بتمسكهم بما كان عليه رسول الله -صلى الله علي وسلم- وأصحابه , وهم الذين اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بإحسان

قال جل وعلا : ﴿ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ﴾ ليس بالادعاء وإنما بإحسان وإتقان وانضباط .

وذلك لا يكون إلا بعد تعلُّم ومعرفة ماعليه السابقون الأولون في الاعتقاد والعمل حتى نتبعهم بإحسان .

أما من كان يجهل ماكانوا عليه فإنه لا يتبعهم بإحسان وإن كان حريصاً على اتباعهم.

إذاً فلا بد من تعلُّم ماهم عليه حتى نسير على أثرهم بإحسان وإتقان ، من غير غلو ولا تفريط في اتباعهم .

لأن طريقتهم الطريقة السليمة الوسط التي ليس فيها تفريط ولا إفراط، ليس فيها تفريط وذلك بالسير على غيرها مع الادعاء بأننا عليها ، وإذا كان السير على غيرها فلا ينفع الادعاء .

ومن غير إفراط أي من غير غلو وتطرف بل باعتدال .

هذا ماكان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فلا نكون متبعين لهم بإحسان إلا إذا سلمنا من الجهل بطريقتهم وسلمنا من الإفراط والغلو ، وسلمنا من التفريط والتساهل فنكون حينئذٍ سرنا على منهجهم واتبعناهم بإحسان

وهذا هو المنهج السليم الذي عليه أهل السنة.

عرفنا لماذا سموا أهل السنة .

سمُّوا جماعة لاجتماعهم على الحق لان من صفتهم وسمتهم اجتماعهم على الحق لا يريدون بالحق بديلاً .

فيرجعون إلى الحق إذا اختلفوا ، يرجعون إلى الكتاب والسنة فيتبين من هو على الصواب فيتبعونه كما قال تعالى :﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً النساء 59

فهم إذا اختلفوا في شيء فإنهم لا يركبون رؤوسهم وكلٌ يتعصب لرأيه،بل إنهم يرجعون خلافهم إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله-صلى الله علي وسلم-.

فما تبين أنه مطابق للكتاب والسنة أخذوا به ، ولو كان يخالف أقوالهم وما كان مخالفاً للكتاب والسنة تركوه ورفضوه .

هذه طريقتهم وهذا منهجهم .

أما من يدعي أنه على منهجهم وهو ليس كذلك ، لا يرجع إلى الكتاب والسنة ، ويبقى على رأيه وتعصبه، أو ما تهواه نفسه ، فهذا ليس على منهج أهل السنة والجماعة، وإن ادعى أنه عليه .

فهذه هي الجماعة و ليس المراد بالجماعة الكثرة.

المراد بالجماعة : هي من كان على الحق ولو كان واحدًا فإنه هو الجماعة ، وهو أهل السنة .

سواء كانوا قليلين أو كثيرين، فهم الجماعة .

وأما من خالف الكتاب والسنة وماعليه سلف الأمة فإنهم ليسوا هم الجماعة ولو كانوا كثيرين ﴾ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ الأنعام 116

هؤلاء هم أهل السنة والجماعة ، وهم الفرقة الناجية التي ميزها الله من بين الفرق ، ولهذا يقول بعض العلماء: هذه الأمة وسط بين الأمم.

كما قال الله جل وعلا ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطً البقرة 143

وأهل السنة والجماعة وسط بين الفرق الثلاث والسبعين.

فهم وسط بين الفرق من هذه الأمة ، حيث تمسكوا بما كان عليه رسول الله -صلى الله علي وسلم- وأصحابه رضي الله عنهم

وهذا يستدعي أمرًا رابعًا مهمًا جداً وهو الصبر والثبات ، وعدم التزعزع عند الأعاصير ، وعند الهزات ، وعند الخلافات ، من الفرق المنحرفة.

نحتاج إلى صبر وثبات ولا نتزعزع عمّا كان عليه رسول الله -صلى الله علي وسلم- ولهذا قال -صلى الله علي وسلم- « إن من ورائكم أيام الصبر ، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا : يا نبي الله أو منهم ؟ قال : بل منكم » أخرجة ابن نصر في السنة .

فالمتمسك بسنة الرسول -صلى الله علي وسلم- يكون له أجر خمسين لشدة مايلقى من العنت واللوم والتهديد والتوبيخ والتعيير والتنقيص ،كما تعلمون شيئا من ذلك .

فلابد من الصبر على منهج السلف الصالح، مهما نالنا في سبيل ذلك من لوم اللائمين ، أو ماهو أشد من التهديدات ، أو غير ذلك. ولهذا قال -صلى الله علي وسلم- « بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبا للغرباء قالوا يارسول الله ومن الغرباء قال الذين يصلحون إذا فسد الناس ـ وفي رواية ـ الذين يصلحون ما أفسد الناس » أخرجه الترمذي وأحمد وأصله في مسلم

هؤلاء هم الغرباء بين الناس ، وهذا يحتاج إلى صبر ، يحتاج إلى روية ، ويحتاج إلى احتساب ، فقليل من يثبت على ذلك إلا من وفقه الله .

ولهذا المنهج معالم أي علامات يعرف بها ويعرف بها أهله.

أول هذه العلامات أن أهل هذا المنهج يهتمون بالتوحيد وبالعقيدة السليمة ، يتعلمونها ويعلمونها ، ويتمسكون بها ويدعون إليها ، هذا أول علامة على منهج السلف, الاهتمام بالعقيدة ،والاهتمام بالتوحيد ، تعلمًا وعملا ،ً وتعليمًا ودعوةً ، وهذا منهج الرسل جميعاً.

فكل رسول يرسله الله إلى أمة، أول مايبدأ به إصلاح العقيدة فيقول﴿ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ سورة الأعراف 65

كل رسول يقول هذا ويدعو إليه ، ولما بعث رسول الله -صلى الله علي وسلم- معاذاً إلى اليمن قال له : «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» أخرجه مسلم

فبدأ -صلى الله علي وسلم- بالتوحيد قبل أن يأمر بالصلاة والزكاة .

هذا منهج السلف ، وهذا الذي عليه جميع الأنبياء ، وخاتمهم محمد -صلى الله علي وسلم- وهو البداءة بإصلاح العقيدة ، والدعوة إليها ، والثبات عليها ومعرفة ما يضادها ويفسدها ، وهو الشرك بالله عز وجل، ومعرفة ما ينقصها من المعاصي والبدع والمحدثات.

والتوحيد كما تعلمون هو إفراد الله جل وعلا بالعبادة وترك عبادة ما سواه ، كما قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَسورة النحل 36 قال تعالى ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا سورة النساء 36 ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ سورة الإسراء 23

هذا هو التوحيد وهو أقسام ثلاثة :

الأول توحيد الربوبية : وهو إفراد الله تعالى بأفعاله ، كالخلق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير

وتوحيد الألوهية : وهوإفراد الله تعالى بأفعال العباد التي شرع لهم أن يتقربوا بها إليه ، فلا يشركون بالله شيئًا في عبادته ، كما أنه ليس له شريك في ربوبيته .

والنوع الثالث توحيد الأسماء والصفات : ومعناه إثبات ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله في سنته ، من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل.

هذا هو منهجهم في التوحيد

فرقٌ بينهم وبين الفرق المنحرفة في العقيدة من مشرك بالله يقول لا إله إلا الله ولكنه يعبد غير الله فهو يقر بالتوحيد بلسانه ولكنه يناقضه بأقواله وأفعاله الشركية ، ومن محرف لأسمائه وصفاته ومعطل لها ، ومؤول لها ، ومن مشبه لأسماء الله وصفاته بأسماء المخلوقين وصفات المخلوقين.

فهم وسط بين المعطلة والممثلة على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهًا بلا تعطيل.

هذا منهجهم في العقيدة .

 

 

ومنهجهم مع الرسول -صلى الله علي وسلم- :

الإيمان به عليه الصلاة والسلام ومحبته أكثر من محبة النفس والوالدين والولد والناس أجمعين عليه الصلاة والسلام

واتباعه -صلى الله علي وسلم- دون ما سواه باتباع سنته عليه الصلاة والسلام وترك البدع والمحدثات والخرافات عملاً بقوله -صلى الله علي وسلم- «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه وبقوله -صلى الله علي وسلم- « وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه

كذلك لا يغلون في الرسول -صلى الله علي وسلم- و لا يرفعونه فوق منزلته التي أنزله الله إياها ولا يجعلونه شريكاً لله في العبادة كما يفعله الغلاة والمشركون الذين يشركون الرسول مع الله في عبادته ويستغيثون به ، ويدعونه عند الشدائد ، ويرجون منه أن يقضي حوائجهم بعد موته صلى الله عليه وسلم ، وهؤلاء كثير في الناس.

فأهل السنة والجماعة لا يغلون في الرسول صلى الله عليه وسلم بل ينزلونه منزلته عملاً بقوله -صلى الله علي وسلم- «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» أخرجه البخاري

فهو عبد الله هذا رد على الغلاة ، الذين يرفعونه فوق منزلة العبودية إلى منزلة الألوهية ، ورسوله رد على المفرطين الذين يجحدون حق الرسول -صلى الله علي وسلم- ولا يتبعونه وإنما يتبعون أهواءهم ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ سورة القصص 50

فهذا منهجهم مع الرسول -صلى الله علي وسلم-

أنهم يعظمونه، ويوقرونه ، ويحترمونه ، ويحبونه ، ويتبعونه، لكن لا يغلون في حقه -صلى الله علي وسلم- كما غلت النصارى في عيسى ابن مريم فمنهجهم منهج الوسطية والاعتدال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبخسونه حقه ولا يتنقصونه عليه الصلاة والسلام

فهو أفضل الخلق وسيد ولد آدم وخاتم النبيـين وله المنزلة العالية التي لا يصل إليها أحد ، لكنه عبد لله عز وجل ليس له من الربوبية والإلـهية شيء.

الله له حق وهو عبادته وحده لا شريك له .

والرسول له حق وهو معرفة رسالته واعتقاد نبوته عليه الصلاة والسلام ، ومحبته واتباعه والاهتداء بهديه .

ولهذا يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ

لله حق ليس لعبده ولعبده حق هماحقانِ

لا تجعل الحقين حقاً واحدا من غير تميـيز ولا فرقان

. فلا يخلط بين حق الله وحق الرسول بل كلٌ يعطى حقه اللائق به هذا هو منهج أهل السنة والجماعة.

وكذلك منهجهم في الإيمان .

فأهل السنة والجماعة يقولون : الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .

هذا هو الإيمان عند أهل السنة والجماعة ، فليس قولاً باللسان فقط لأن هذا دين المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم يُظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، وهم في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ،وهم يشهدون أنه رسول الله بألسنتهم.

قال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ سورة المنافقون «1 ،2»

ولا يقولون إن الإيمان الاعتقاد بالقلب فقط دون النطق باللسان والعمل بالجوارح كما تقوله المرجئه الذين يقولون الإيمان هو التصديق بالقلب وإن لم ينطق بلسانه ولم يعمل بجوارحه .

هذا كان عليه المشركون كانوا يعرفون أنه رسول الله -صلى الله علي وسلم- ويعتقدون أنه رسول الله بقلوبهم، واليهود والنصارى يعتقدون أنه رسول الله.

قال تعالى في المشركين ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ سورة الأنعام 33

وقال في اليهود والنصارى ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ ـ يعني محمداً -صلى الله علي وسلم- ـ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ سورة البقرة 146 147

فليس الإيمان هو التصديق بالقلب دون النطق ودون العمل

هذا لا يقوله إلا المرجئة والمرجئة ضلاّل.

ولو كان هذا صحيحًا لكان المشركون واليهود والنصارى مؤمنين ليسوا كفاراً ، فدل على بطلان هذا القول .

وقولهم يزيد الإيمان بالطاعة

كما قال تعالى :﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ سورة الأنفال 2

﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى سورة مريم 76

﴿ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ التوبة «124» «125»

وقال تعالى ﴿ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا سورة المدثر 31

وأما أن الإيمان ينقص فإنه ينقص حتى ربما لا يبقى منه إلا مثقال ذرة أو حبة من خردل، كما قال -صلى الله علي وسلم- « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ » أخرجه مسلم

وقال تعالى ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ سورة آل عمران 167

فدل على أنه يكون هناك مومن قريب من الكفر لضعف إيمانه وقال عليه الصلاة والسلام «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ » أخرجه مسلم

فدل على أن الإيمان له أعلى وله أدنى، وأنه يزيد وينقص.

هذا هو الإيمان عند أهل السنة والجماعة.

ومن معالم منهج أهل السنة والجماعة محبتهم لأصحاب رسول الله -صلى الله علي وسلم- جميعاً كل الصحابة يحبونهم ويجلونهم ويقتدون بهم ويحترمونهم ولا يخوضون فيما جرى بينهم ، بل يعتزون لهم ويجلونهم عملاً بقوله -صلى الله علي وسلم- «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» أخرجه البخاري ومسلم

وكما في قوله تعالى ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ سورة التوبة 100

وكماقال تعالى في شأن المهاجرين: ﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ سورة الحشر 8

ثم قال ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَـ يعني الأنصار ـ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة الحشر 9

ثم قال في الذين جاءوا من بعدهم ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ سورة الحشر 10

فمن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وسلامة ألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لا يبغض الصحابة إلا منافق ، ولا يحبهم إلا مؤمن ، لا يبغضهم إلا من كان يبغض الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يحبهم إلا من يحب الرسول -صلى الله علي وسلم- ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ سورة الفتح 29

﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًسورة الفتح 18

والآيات في مدح الصحابة والثناء عليهم آيات كثيرة في القران هذا يدل على مكانتهم وعلى أنهم هم القدوة لمن جاء بعدهم لأنهم صحابة رسول الله -صلى الله علي وسلم- ، لأنهم تعلموا من الرسول -صلى الله علي وسلم- , لأنهم جاهدوا مع رسول الله -صلى الله علي وسلم- وناصروه ، لأنهم نشروا دينه بعد وفاته -صلى الله علي وسلم- حتى بلغ المشرق والمغرب.

قدموا أنفسهم وأموالهم للجهاد في سبيل الله حتى فتحوا البلاد وأظهروا دين الله بين العباد .

هذا من آثارهم ومن أعمالهم الجليلة .

فلا يبغض الصحابة إلا منافق .

ما أبغضهم لأنهم أخذوا منه شيئاً ، أوأنهم ضروه بشيء ، إنما أبغضهم لإيمانهم ،ولمكانتهم من الإسلام ، فهو يبغضهم لأنهم هم الذين ناصروا الرسول وآوو الرسول وجاهدوا مع الرسول ونشروا دينه،وحفظوا سنته ، وبلغوها لأمته -صلى الله علي وسلم-.

فمن ذا يتنقص الصحابة رضي الله عنهم إلا من أعمى الله بصيرته ، إلا من في قلبه نفاق ، إلا من في قلبه حقد وبغض لرسول الله -صلى الله علي وسلم- وأصحابه.

ومن أصول أهل السنة والجماعة في مسألة أصحاب الكبائر التي دون الشرك من هذه الأمة: أهل السنة والجماعة، يحكمون بأنهم مؤمنون ناقصوا الإيمان ، وأنهم تحت مشيئة الله ، إن شاء الله غفر لهم وإن شاء عذبهم بذنوبهم ، ثم يخرجهم من النار ويدخلهم الجنة فمآلهم إلى الجنة كما قال الله جل وعلا ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ سورة النساء 48

فهم يرجون لهم المغفرة ، ولا يكفرونهم ، ولا يعطونهم الإيمان الكامل الإيمان المطلق ، بل يعطونهم مطلق الإيمان وهو الإيمان الناقص بذنوبهم وسيئاتهم.

وكما ذكرنا في تعريف الإيمان أنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية فهؤلاء ينقص إيمانهم بالمعصية ، لكن لا نكفرهم كما تقوله الخوارج ولا نقول أنهم في المنزلة بين المنزلتين الكفر والإيمان ،كما تقوله المعتزلة، ولا نقول إنهم كاملوا الإيمان، لا تضرهم المعاصي كما تقوله المرجئة, بل منهج أهل السنة والجماعة هذا هو القول الفصل في أصحاب الكبائر من أمة محمد -صلى الله علي وسلم-.

كذلك من معالم منهج أهل السنة والجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملاً بقوله تعالى ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ سورة آل عمران 110

وكما قال سبحانه وتعالى ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة آل عمران 104

وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم« مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» » أخرجه مسلم

فلا بد من إنكار المنكر ، فالمؤمن ينكر المنكر ، لكن ينكره بحسب استطاعته ، فإن كان يستطيع أن يزيله بيده أزاله بيده ،وهذا إنما يكون لأهل السلطة ومن ولاهم ولي الأمر من رجال الحسبة فإنهم يزيلون المنكر بأيديهم ، وكذلك صاحب البيت في بيته فإنه يزيل المنكر بيده من داخل بيته، لأن له سلطة على أهل بيته والرجل راع في أهل بيته ، ومسؤول عن رعيته ، فيزيل المنكر بيده أما إذا لم يكن له سلطة لا عامة ولا في بيته ، فإنه ينكر المنكر بلسانه ، بمعنى أنه يعِظ ويذكر ، ويدعو إلى الله ، ويبلغ عن المعاصي والمنكرات، يبلغ من يستطيع تغييرها باليد ، يبلغ السلطة يبلغ رجال الحسبة ، ولا يسكت ، هذا هو التغيير باللسان.

فإذا لم يستطع بلسانه فإنه ينكر المنكر بقلبه ، ويعتزل المنكر وأهل المنكر ولا يجالسهم ولا يخالطهم ، إلا على سبيل النصيحة

و الإنكار عليهم .

فإنكارالمنكر على ما توجبه الشريعة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، على ما توجبه الشريعة ، لا على ما يقوله المعتزلة من أن إنكار المنكر معناه الخروج على ولي الأمر إذا حصلت منه مخالفة دون الكفر ، يخرجون عليه بالسيف ويقولون هذا من إنكار المنكر ، ومن أصولهم ـ أي المعتزلة ـ الباطلة أنهم يقولون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويريدون بذلك الخروج على ولي الأمر إذا حصلت منه معصية دون الكفر فيشقون عصى الطاعة ويخرجون عن الجماعة ويفرقون جماعة المسلمين ، بحجة أنهم ينكرون المنكر وهذا هو المنكر، فالصبر على ولي الأمر وإن حصل منه مخالفة دون الكفر و الضرر الذي يحصل في الصبر عليه أخف من الضرر الذي يحصل في الخروج عليه ، وشق عصى الطاعة وسفك الدماء ، و إخلال الأمن ، وغير ذلك .

فأهل السنة والجماعة وسط في هذا الأمر .

يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كما قال تعالى ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ سورة التوبة 71

فمن الولاية بينهم أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، هذا من تولي بعضهم لبعض وليس هو من عداوة بعضهم لبعض

أو الإنتقام وإنما هو المحبة ، ألاّ تترك أخاك على المعصية وعلى الضرر وعلى النار وأنت تستطيع أن تحاول إنقاذه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكن بأصول كما بين الرسول -صلى الله علي وسلم- حسب الإستطاعة وحسب المقدرة ولا يترك إنكار المنكر بحال من الأحوال ، فإن كان لا ينكر المنكر لا بلسانه ولا بيده ولا بقلبه فهذا ليس بمؤمن كما قال -صلى الله علي وسلم- «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» أخرجه مسلم

فهذا هو موقف أهل السنة والجماعة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

كذلك مع ولاة الأمور ، فإن موقفهم مع ولاة أمور المسلمين السمع والطاعة بالمعروف قال -صلى الله علي وسلم- لمّا وعظ أصحابه موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب قالوا :

يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فأوصنا . قال« أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ » أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي

السمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، لا تحتقروا ولي الأمر ، لأنه ليس النظر إلى شخصه ، وإن كان عبداً ، وإنما النظر إلى منصبه المنصب العظيم الذي هو منصب الإمامة ، فاحترموه وانقادوا له بالسمع والطاعة ، ولا تختلفوا عليه ، حتى يستتب الأمن ، وحتى يتم الأمر ، وحتى ينقمع الأعداء ، وحتى تجتمع جماعة المسلمين فلا تقوم الجماعة إلاّ بإمامة ، ولاإمامة إلاّ بسمع وطاعة لولي أمر المسلمين

هذا موقف أهل السنة والجماعة من ولي الأمر ، وكذلك موقفهم معه أنهم يجاهدون معه ويصلّون وراءه الجمعة والجماعة ، ولا يتخلفون عن الصلاة خلفه من غير عذر ، بل بحجة أنه عاص كما كان الصحابة يصلون خلف الأمراء وإن كانوا ليسوا على مستوى جيد في دينهم إلا أنهم ليسوا كفاراً ، ولهذا لما ذكر -صلى الله علي وسلم- ما يكون من الولاة في آخر الزمان من التغيّر والمخالفة قالوا أفلا ننابذهم يارسول الله قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة

وفي الحديث الآخر «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» متفق عليه

فهذا موقفهم وهذا منهجهم مع إمامهم أنهم يسمعون ويطيعون له, أنهم يصلون خلفه ، أنهم يجاهدون معه ، أنهم لا يسبونه في المجالس، أو في المحاضرات ، أو في الخطب ، وإنما يدعون له بالصلاح.

فمن علامة أهل السنة والجماعة أنهم يدعون لولاة الأمور بالصلاح والهداية. لأن صلاحه صلاح للمسلمين ، صلاح ولي الأمر صلاح للمسلمين ، ومن علامة الخوارج والمعتزلة أنهم لا يدعون للإمام ، ويستنكرون الدعاء للإمام ، فهذه نزعة إعتزالية ، نزعة خارجية،أهل السنة والجماعة ينكرونها.

فهذه ملامح يسيرة من عقيدة و منهج أهل السنة والجماعة ولا يتسع الوقت لأكثر من هذا و أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا وإياكم طريق الحق والصواب وأن يثبّـتـنا على الهدى والدين اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.

وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه إنك سميع الدعاء وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ..