قرة عيون الأخيار
قرة عيون الأخيار ح (9)

قرة عيون الأخبار شرح جوامع الأخبار

الحديث الثاني عشر :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ;: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف, وفي كل خير، احرص على ما ينفعك, واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت, كان كذا وكذا, ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل, فإن لو تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم.

* سؤال فردي:

هذا الحديث اشتمل على أصول عظيمة وكلمات جامعة فمنها: إثبات المحبة صفة لله , وأنها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها ودل على أنها تتعلق بإرادته ومشيئته , وأيضا تتفاضل . فمحبته للمؤمن القوي أعظم من محبته للمؤمن الضعيف.

ودل الحديث على أن الإيمان يشمل العقائد القلبية والأقوال والأفعال , كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ؛ فإن الإيمان بضع وسبعون شعبة , أعلاها قول: «لا إله إلا الله» وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة منه. وهذه الشعب التي ترجع إلى الأعمال الباطنة والظاهرة كلها من الإيمان . فمن قام بها حق القيام وكمّل غيره بالتواصي بالصبر : فهو المؤمن القوي الذي حاز أعلى مراتب الإيمان ومن لم يصل إلى هذه المرتبة : فهو المؤمن الضعيف.

وهذا من أدلة السلف على أن الإيمان يزيد وينقص , وذلك بحسب علوم الإيمان ومعارفه , وبحسب أعماله .

وهذا الأصل قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع كثيرة.

ولما فاضل النبي - صلى الله عليه وسلم - ; بين المؤمنين قويهم وضعيفهم خشي من توهم القدح في المفضول, فقال: «وفي كل خير».

س1/ في الحديث إثبات صفة من صفات الله ما هي؟ ** س2/ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان؟.

* سؤال جماعي:

وفي هذا الحديث : أن المؤمنين يتفاوتون في الخيريّة , ومحبة الله والقيام بدينه وأنهم في ذلك درجات ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا﴾, ويجمعهم ثلاثة أقسام : السابقون إلى الخيرات , وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات , وتركوا المحرمات والمكروهات , وفضول المباحات , وكملوا ما باشروه من الأعمال , واتصفوا بجميع صفات الكمال . ثم المقتصدون الذي اقتصروا على القيام بالواجبات وترك المحظورات , ثم الظالمون لأنفسهم , الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئاً.وقوله - صلى الله عليه وسلم - ; «احرص على ما ينفعك واستعن بالله» كلام جامع نافع مُحْتو على سعادة الدنيا والآخرة .

والأمور النافعة قسمان: أمور دينية , وأمور دنيوية , والعبد محتاج إلى الدنيوية كما أنه محتاج إلى الدينية . فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد في الأمور النافعة منهما , مع الاستعانة بالله تعالى فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها وسلك أسبابها وطرقها , واستعان بربه في حصولها وتكميلها: كان ذلك كماله وعنوانه وفلاحه . ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة : فاته من الخير بحسبها .فمن لم يكن حريصاً على الأمور النافعة , بل كان كسلانا ,لم يدرك شيئا . فالكسل هو أصل الخيبة والفشل . فالكسلان لا يدرك خيرا , ولا ينال مكرمة ولا يحظى بدين ولا دنيا ؛ ومتى كان حريصا ولكن على غير الأمور النافعة : إما على أمور ضارة أو مفوِّتة للكمال كان ثمرة حرصه الخيبة وفوات الخير وحصول الشر والضرر, فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء .

ثم إذا سلك العبد الطرق النافعة وحرص عليها واجتهد فيها : لم تتم له إلا بصدق اللجأ إلى الله ؛ والاستعانة به على إدراكها وتكميلها وأن لا يتكل على نفسه وحوله وقوته , بل يكون إعتماده التام بباطنه وظاهره على ربه .فبذلك تهون عليه المصاعب وتتيسر له الأحوال , وتتم له النتائج والثمرات الطيبة في أمر الدين وأمر الدنيا, لكنه في هذه الأحوال محتاج- بل مظطر غاية الإظطرار - إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها والجد في طلبها

س1: في الحديث : أن المؤمنين يتفاوتون في الخيريّة , ويجمعهم ثلاثة أقسام , ماهي ؟ مع التوضيح ؟

س2: مدار سعادة العبد على ثلاثة أمور ماهي؟