قرة عيون الأخيار
قرة عيون الأخيار ح (15)

قرة عيون الأخبار شرح جوامع الأخبار

الحديث الخامس عشر :

عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; قال: «أنزلوا الناس منازلهم» رواه أبو داود.

* سؤال فردي:

ياله من حديث حكيم فيه الحث لأمته على مراعاة الحكمة . فإن الحكمة وضع الأشياء مواضعها وتنزيلها منازلها والله تعالى حكيم في خلقه وتقديره وحكيم في شرعه وأمره ونهيه وقد أمر عباده بالحكمة ومراعاتها في كل شيء وأوامر النبي r وإرشاداته كلها تدور على الحكمة... فمنها: هذا الحديث الجامع , إذ أمر أن ننزل الناس منازلهم وذلك في جميع المعاملات وجميع المخاطبات والتعلم والتعليم ... فمن ذلك : أن الناس قسمان : قسم لهم حق خاص كالوالدين والأولاد والأقارب والجيران والأصحاب والعلماء والمحسنين بحسب إحسانهم العام والخاص . فهذا القسم تنزيلهم منازلهم : القيام بحقوقهم المعروفة شرعا وعرفا من البر والصلة والإحسان والتوقير والوفاء والمواساة , وجميع مالهم من الحقوق فهؤلاء يميزون عن غيرهم بهذه الحقوق الخاصة .. وقسم لهم مزية اختصاص بحق خاص , وإنما لهم حق الإسلام وحق الإنسانية فهؤلاء حقهم المشترك : أن تمنع عنهم الأذى والضرر بقول أو فعل , وأن تحب للمسلمين ماتحب لنفسك من الخير وتكره لهم ماتكره لها من الشر , بل يجب منع الأذى عن جميع نوع الإنسان وإيصال ماتقدر عليه لهم من الإحسان .... ومما يدخل في هذا : أن يعاشر الخلق بحسب منازلهم فالكبير له التوقير والإحترام والصغير يعامله بالرحمة والرقة المناسبة لحاله والنظير يعامله بما يجب أن يعامله به وللأم حق خاص بها وللزوجة حق آخر ويعامل من يدل عليه ويثق به ويتوسع معه مالا يعامل به من لا يثق به ولا يدل عليه.. ويتكلم مع الملوك وأرباب الرئاسة بالكلام اللين المناسب لمراتبهم ولهذا قال تعالى لموسى وهارون: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى

س1/ الناس قسمان:قسم لهم حق خاص وقسم ليس لهم مزية اختصاص بحق خاص, مثلي لكل قسم وكيف ننزل كل قسم منزلته ؟

* سؤال جماعي:

ويعامل العلماء بالتوقير والإجلال والتعلم والتواضع لهم وإظهار الافتقار والحاجة إلى علمهم النافع وكثرة الدعاء لهم خصوصا وقت تعليمهم وفتواهم الخاصة والعامة.... ومن ذلك: أمر الصغار بالخير ونهيهم عن الشر بالرفق والترغيب وبذل ما يناسب من الدنيا لتنشيطهم وتوجيههم إلى الخير واجتناب العنف القولي والفعلي ,, وكذلك سلك رسول اللهr مع المؤلفة قلوبهم من العطاء الدنيوي الكثير ما يحصل به التأليف ويترتب عليه من المصالح ولم يفعل ذلك مع من هو معروف بالإيمان الصادق تنزيلا للناس منازلهم .. وكذلك مخاطبة الزوج والأولاد الصغار بالخطاب اللائق بهم الذي فيه بسطهم وإدخال السرور عليهم.... وكذلك من تنزيل الناس منازلهم : أن تجعل الوظائف الدينية والدنيوية والممتزجة منها الأكفاء المتميزين الذين يفضلون غيرهم في ولاية تلك الوظيفة فمعلوم أن ولاية الملك : أن الواجب فيها خصوصا وفي غيرها عموما – مشاورة أهل الحل والعقد في تولية من يصلح لها ممن جمع بين القوة والشجاعة والحلم ومعرفة السياسة الداخلية والخارجية ومن له القوة الكافية لتنفيذ العدل وإيصال الحقوق إلى أهلها وردع الظلمة والمجرمين وغير ذلك مما يدخل في الولاية ... وكذلك ولاية القضاء : يختار لها الأعلم بالشرع وبالواقع الأفضل في دينه وعقله وصفاته الحميدة , وكذلك ولاية الإمامة في المساجد في الجمعة والجماعة : يختار لها الأعلم بأحكام العبادات الأتقى ثم الأمثل فالأمثل – وكذلك ولاية قادة الجيوش : يختار لها أهل القوة والشجاعة والرأي والنصح والمعرفة لفنون الحرب وأدواتها وما يتبع ذلك مما تتوقف عليه هذه الوظيفة المهمة التي هي من أهم الوظائف وأخطرها إلى غير ذلك من الولايات الكبار والصغار فإنها داخلة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ وهذه الولايات من أعظم الأمانات فيتعين أن تؤدى إلى أهلها وأن يوظف فيها أهل الكفاءة بها وكل وظيفة لها أكفاء مختصون ..وهو داخل في هذا الحديث الشريف .. وكذلك يدخل في ذلك معاملة العصاة المجرمين فمن رتب الشارع على جرمه عقوبة من حد ونحوه ماتعين ماعينه الشارع لأنه هو عين المصلحة العامة الشاملة ومن لم يعن له عقوبة عزر بحسب حاله ومقامه فمنهم من يكفيه التوبيخ والكلام المناسب لفعلته ومنهم من لا يردعه إلا العقوبة البليغة .. وكذلك في الصدقة والهدية ليس عطية الطوّاف الذي يدور على الناس فتكفيه التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان كعطية الفقير المتعفف الذي أصابته العيلة بعد الغنى وفي الأثر « ارحموا عزيز قوم ذل»

وكذلك يميز من له آثار وسوابق وغناء ونفع للمسلمين على من ليس كذلك فهذه الأمور وما أشبهها داخلة في هذا الكلام الجامع الذي تواطأ عليه الشرع والعقل .. ومارآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن

س1: كيف ننزل العلماء منزلتهم؟ س2: كيف نعامل العصاة والمجرمين؟