قرة عيون الأخيار
قرة عيون الأخيار ح (16)

قرة عيون الأخبار شرح جوامع الأخبار

الحديث السادس عشر :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ;: «من ضارّ ضار الله به . ومن شاقّ شاق الله عليه» رواه الترمذي وابن ماجه.

* سؤال فردي:

هذا الحديث دل على أصلين من أصول الشريعة :

أحدهما: أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر , وهذا من حكمة الله التي يحمد عليها , فكما أن من عمل ما يحبه الله أحبه الله , ومن عمل ما يبغضه أبغضه الله , ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والآخرة , ومن فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , والله في حاجة العبد ماكان العبد في حاجة أخيه , كذلك من ضارّ مسلما ضره الله ومن مكر به مكر الله به ومن شق عليه شق الله عليه إلى غير ذلك من الأمثلة الداخلة في هذا الأصل

الأصل الثاني: دفع الضرر والمضارة وأنه «لا ضرر ولا ضرار» وهذا يشمل أنواع الضرر كله.

والضرر يرجع إلى أحد أمرين : إما تفويت مصلحة , أو حصول مضرة بوجه من الوجوه, فالضرر غير المستحق لا يحق إيصاله وعمله مع الناس بل يجب على الإنسان أن يمنع ضرره وأذاه عنهم من جميع الوجوه... فيدخل في ذلك التدليس والغش في المعاملات وكتم العيوب فيها والمكر والخداع والنجش وتلقي الركبان وبيع المسلم على أخيه المسلم والشراء من شرائه ومثله الأجارات وجميع المعاملات والخطبة على خطبة أخيه , وخطبة الوظائف التي فيها أهل لها قائم بها فكل هذا من المضارة المنهي عنها... وكل معاملة من هذا النوع فإن الله لايبارك فيها لأنه من ضار مسلما ضاره الله ومن ضاره الله ترحل عنه الخير وتوجه إليه الشر وذلك بما كسبت يداه... ويدخل في ذلك مضارة الشريك لشريكه والجار لجاره بقول أو فعل حتى إنه لا يحل له أن يحدث بملكه مايضره بجاره فضلا عن مباشرة الإضرار به .. ويدخل في ذلك : مضارة الغريم لغريمه وسعيه في المعاملات التي تضر بغريمه , حتى إته لا يحل له أن يتصدق ويترك ماوجب عليه من الدين إلا بإذن غريمه أويرهن موجوداته أحد غرمائه دون الباقين أو يقف أو يعتق مايضر بغريمه أو ينفق أكثر من اللازم بغير إذنه.

س1/ دلّ الحديث على أصلين من أصول الشريعة أذكريهما؟ س2/ الضرر يرجع إلى إحدى أمرين ماهما؟

* سؤال جماعي:

كذلك الضرار في الوصايا كما قال تعالى: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ﴾.. بأن يخص أحد ورثته بأكثر مما له أو ينقص الوارث أويوصي لغير وارثه بقصد الإضرار بالورثة .. وكذلك لا يحل إضرار الزوج بزوجته من وجوه كثيرة: إما أن يعضلها ظلما لتفتدي منه ,, أو يراجعها لقصد الإضرار, أو يميل إلى إحدى زوجاته ميلا يضر بالأخرى ويجعلها كالمعلقة ... ومن ذلك: الحيف في الأحكام والشهادات والقسمة وغيرها على أحد الشخصين لنفع الآخر فكل هذا داخل في المضارة وفاعله مستحق للعقوبة وأن يضار الله به... وأشد من ذلك الوقيعة في الناس عند الولاة والأمراء ليغريهم بعقوبته أو أخذ ماله أو منعه من حق هو له فإن من عمل عذا العمل فإنه باغِ فليتوقع العقوبة العاجلة والآجلة ..ومن هذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - ; «أن يورد ممرض على مصح» لما في ذلك من الضرر.. وكذلك نهى الجذمى ونحوهم عن مخالطة الناس وهذا وغيره داخل في قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ ونهى - صلى الله عليه وسلم - ; عن ترويع المسلم ولو على وجه المزح ..

ومن هذا السخرية بالخلق والإستهزاء بهم والوقيعة في أعراضهم والتحريش بينهم فكله داخل في المضارة والمشاقة الموجب للعقوبة

وكما يدل الحديث بمنطوقه: أن من ضار وشاق ضره الله وشق عليه , فإن مفهومه يدل على : أنه من أزال الضرر والمشقة عن المسلم فإن الله يجلب له الخير ويدفع عنه الضرر والمشاق جزاءا وفاقا سواء كان متعلقا بنفسه أو بغيره.

س1:ماحكم من أخذ بوقيعة الناس عند الولاة والأمراء ليغريهم بعقوبته أو أخذ ماله أو منعه من حق هو له؟

س2: الحديث له مدلولان مدلول بالمفهوم ومدلول بالمنطوق ماهما؟