قرة عيون الأخيار
قرة عيون الأخيار ح (17)

قرة عيون الأخبار شرح جوامع الأخبار

 الحديث السابع عشر :

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال:رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ;: «اتق الله حيثما كنت , واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» رواه الإمام أحمد والترمذي .

* سؤال فردي:

هذا الحديث عظيم جمع فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ; بين حق الله وحقوق العباد فحق الله عباده : أن يتقوه حق تقاته فيتقوا سخطه وعذابه باجتناب المنهيات وأداء الواجبات وهذه الوصية وصية الله للأولين والآخرين ووصية كل رسول لقومه أن يقول : «اعبدوا الله واتقوه» وقد ذكر الله خصال التقوى في قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ وفي قوله: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ ثم ذكر خصال التقوى فقال : ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

فوصف المتقين بالإيمان بأصوله وعقائده وأعماله الظاهرة والباطنة وبأداء العبادات البدنية والعبادات المالية , والصبر في البأساء والضراء وحين البأس وبالعفو عن الناس واحتمال أذاهم والإحسان إليهم وبمبادرتهم إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم بالإستغفار والتوبة فأمر - صلى الله عليه وسلم - ; ووصى بملازمة التقوى حيثما كان العبد في كل وقت وكل مكان وفي كل حالة من أحواله لأنه مضطر إلى التقوى غاية الإضطرار لا يستغني عنها في كل حالة من أحواله.

س1/ ما هو حق الله على عباده؟ س2: ذكر الله خصال التقوى في أكثر من آية في كتاب الله أذكري 3 من هذه الخصال؟

* سؤال جماعي:

ثم لما كان العبد لا بد أن يحصل منه تقصير في حقوق التقوى وواجباتها أمر - صلى الله عليه وسلم - ; بما يدفع ذلك ويمحوه وهو ان يتبع الحسنة السيئة "والحسنة" اسم جامع لكل مايقرب إلى الله تعالى : وأعظم الحسنات الدافعة للسيئات التوبة النصوح والإستغفار والإنابة إلى الله بذكره وحبه وخوفه ورجائه والطمع فيه وفي فضله كل وقت .. ومن ذلك الكفارات المالية والبدنية التي حددها الشارع.. ومن الحسنات التي تدفع السيئات العفو عن الناس والإحسان إلى الخلق من الآدميين وغيرهم وتفريج الكربات والتيسير على المعسرين وإزالة الضرر والمشقة عن جميع العالمين قال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ وقال - صلى الله عليه وسلم - ; : «الصلوات الخمس , والجمعة إلى الجمعة , ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ماجتنبت الكبائر» وكم في النصوص من ترتيب المغفرة على كثير من الطاعات ومما يكفر الله به الخطايا : المصائب فإنه لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها خطاياه وهي إما فوات محبوب أو حصول مكروه بدني أوقلبي أو مالي , داخلي وخارجي لكن المصائب بغير فعل العبد فلهذا أمره بما هو من فعله وهو أن يتبع الحسنة السيئة

ثم لما ذكر حق الله _وهو الوصية بالتقوى الجامعة لعقائد الدين وأعماله الباطنة والظاهرة _ قال:«وخالق الناس بخلق حسن»

وأول الخلق الحسن: أن تكف عنهم أذاك من كل وجه وتعفو عن مساوئهم وأذيتهم لك ثم تعاملهم بالإحسان القولي والإحسان الفعلي وأخص مايكون بالخلق الحسن : سعة الحلم على الناس والصبر عليهم وعدم الضجر منهم وبشاشة الوجه ولطف الكلام والقول الجميل المؤنس للجليس المدخل عليه السرور المزيل لوحشته ومشقة حشمته .. وقد يحسن المزح أحيانا إذا كان فيه مصلحة لكن لا ينبغي الإكثار منه وإنما المزح في الكلام كالملح في الطعام إن عدم أو زاد على الحد فهو مذموم .. ومن الخلق الحسن : أن تعامل كل أحد بما يليق به ويناسب حاله من صغير وكبير وعاقل وأحمق وعالم وجاهل

فمن اتقى الله وحقق تقواه وخالق الناس باختلاف طبقاتهم بالخلقالحسن فقد حاز الخير كله لأنه قام بحق الله وحقوق العباد ولأنه كان من المحسنين في عبادة الله المحسنين إلى عباد الله .

س1:ماهي الحسنة ؟

س2: أذكري خمسة من الحسنات التي تدفع السيئات؟