شرح العقيدة الطحاوية
آراء أصحاب الفرق في العشرة المبشرين بالجنة

آراء أصحاب الفرق في العشرة المبشرين بالجنة

وأن العشرة الذين سماهم رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة على ما شهد لهم رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وقوله الحق: وهم أبو بكر، وعمر وعثمان وعلي وطلحة، والزبير وسعد وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وهو أمين هذه الأمة -رضي الله عنهم- أجمعين .


هؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة، نعم معتقد أهل السنة والجماعة الشهادة لهم بالجنة كما شهد لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وهم الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد، وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة هؤلاء العشرة المبشرون بالجنة شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة فنشهد لهم بالجنة.

من شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة نشهد له بالجنة، ومن لم يشهد له بالجنة لا نشهد له، نشهد بالجنة للمؤمنين على العموم، أما التعيين فلان بن فلان ما نشهد له بالجنة، إلا من شهد له الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهؤلاء العشرة مشهود لهم بالجنة، فأهل السنة يعتقدون أنهم من أهل الجنة، وهم الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة، والزبير بن العوام هؤلاء هم العشرة المشهود لهم بالجنة فنشهد لهم بالجنة.

هذا معتقد أهل السنة والجماعة، ولهم مناقب كثيرة، أما الرافضة فإنهم لا يشهدون لهم بالجنة بل يكرهون هؤلاء، يكرهون العشرة المبشرين بالجنة الرافضة بل من شدة كراهيتهم لهم يكرهون لفظ العشرة وفعل العشرة حتى العدد يكرهونه، عدد العشرة يكرهونه ولفظ العشرة يكرهونه من شدة كراهيتهم للعشرة المبشرين بالجنة.

والرافضة يستبدلون بالعشرة اثني عشر إماما، اتفق أهل السنة على تعظيم هؤلاء العشرة المبشرين بالجنة، وتقديمهم لما اشتهر من فضائلهم ومناقبهم، والرافضة تكره تبغض هؤلاء العشرة وتكره لفظ العشرة وتكره فعل شيء يكون عشرة، وسببه كونهم يبغضون خيرة الصحابة، وهم العشرة المشهود لهم بالجنة، وإن كانوا يستثنون عليا -رضي الله عنه- من العشرة وهذا من جهل الرافضة.

والرد عليهم من ثلاثة أوجه الرد عليهم في كراهيتهم للعشرة:

الأول: تناقضهم في بغض التسعة من العشرة وموالاتهم للتسعة ولفظ التسعة، الرافضة متناقضون ما وجه التناقض؟ كونهم يكرهون العشرة يكرهون لفظ العشرة عدد العشرة لماذا؟ من شدة كراهتهم للعشرة المبشرين بالجنة، وهم مع ذلك يستثنون عليا من العشرة، فيكون الباقي كم تسعة ومع ذلك يبغضون التسعة ومع ذلك يوالون التسعة، ولفظ التسعة إذا حذفت إذا نزل عليّ من العشرة كم يبقى؟ يبقى تسعة، كان الأولى أنهم يبغضون التسعة ما يبغضون العشرة ومع ذلك هم يولون التسعة ولفظ التسعة، أليس هذا تناقض تناقض فهم يبغضون العشرة ولفظ العشرة؛ لكونهم يبغضون العشرة المبشرون بالجنة ثم يستثنون عليا فيكون الباقي تسعة، ثم يولون التسعة، ولفظ التسعة.

فمن العجب أنهم يوالون لفظ التسعة وهم يبغضون التسعة من العشرة ويبغضون سائر المهاجرين والأنصار من السابقين الأولين الذين بايعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة يبغضون حتى المهاجرين والأنصار كلهم، والله قد رضي عنهم وأخبر -عليه الصلاة والسلام- « أنه لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة »(1) وذكر العلة في عدم دخول حاطب النار أنها شهود

بدر والحديبية، والعشرة المشهود لهم بالجنة منهم.

الوجه الثاني من الرد على الرافضة: نقول: إن المعنى لا يؤثر في اللفظ والأعداد لا تمدح ولا تذم حتى لو فرضنا أنكم تكرهون العشرة أنكم تكرهون العشرة المبشرين بالجنة ما علاقة العدد؟ العدد لا يمدح ولا يذم والمعنى لا يؤثر في اللفظ والأعداد لا تمدح ولا تذم فلو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس لم يهجر هذا الاسم بذاته كما لم يقتض هجر اسم التسعة مطلقا قول الله تعالى: ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (2) فالله ذم التسعة من قوم صالح ولم يقتض ذلك هجر التسعة لا منا أهل السنة ولا من الرافضة.

الرد الثالث: أن اسم العشرة قد مدح الله سماه لفظا ومعنى في مواضع من القرآن الكريم من ذلك قول الله تعالى: ﴿ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (3) وقوله: ﴿ وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ (4) وقوله سبحانه: ﴿ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (5) وكان -عليه الصلاة والسلام- يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وكان يقول في ليلة القدر « التمسوها في العشر الأواخر من رمضان »(6) وقال: « ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من أيام العشر »(7) يعني عشر ذي الحجة.

استبدال الرافضة بالعشرة اثنى عشر إماما مع بيان عددهم الرافضة توالي بدل العشرة المبشرين بالجنة اثنى عشر إماما، وهم:

علي بن أبي طالب ويدعون أنه وصى النبي -صلى الله عليه وسلم- دعوى عارية عن الدليل، ثم الحسن بن علي، ثم الحسين بن علي، ثم علي بن الحسين زين العابدين، ثم محمد بن علي الباقر، ثم جعفر بن محمد الصادق، ثم موسى بن جعفر الكاظم، ثم علي بن موسى الرضا، ثم محمد بن علي الجواد، ثم علي بن محمد الهادي ، ثم الحسن بن علي العسكري ، ثم محمد بن الحسن العسكري المهدي ، وهو الإمام المنتظر عندهم الذي دخل سرداب سامرا بالعراق سنة ستين ومائتين 260 ويغالون في محبتهم ويتجاوزون الحد.

الرد عليهم بالسنة وما يصدقها من الواقع يرد على الرافضة بأنه لم يأت ذكر الأئمة الاثني عشر إلا على صفة ترد قولهم هؤلاء الأئمة الاثني عشر الذين ذكروهم، ما فيه دليل يدل عليهم، والذي ورد في السنة إنما ورد على صفة ترد قولهم وتبطله، وهو ما خرَّجاه في الصحيحين عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال دخلت مع أبي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فسمعته يقول: « لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنى عشر رجلا كلهم من قريش »(8) .

وتصديق الواقع لهذا الحديث وكان الأمر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- والاثنى عشر من هم؟ هم الخلفاء الراشدون الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية الخامس وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان وأبنائه الأربعة الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك ، وهشام بن عبد الملك، ويزيد بن عبد الملك ، وبينهم عمر بن عبد العزيز.

ولا يزال الأمر أمر الإسلام قائما، والجهاد قائما في أيام هؤلاء، ثم أخذ الأمر بعدهم في الانحلال، فالإسلام عزيز وقوي في أيام هؤلاء وإن كان فيه حصل ما حصل لكن الإسلام قوي وظاهر ومنتشر والسنة قائمة، والجهاد قائم، ثم أخذ الأمر بعدهم في الانحلال.

وعند الرافضة أن أمر الأمة لم يزل في أيام هؤلاء فاسدا، يتولى عليهم الظالمون المعتدون بل المنافقون الكافرون، وأهل الحق عندهم الذين وهم أهل البيت أذل من اليهود، هكذا يقول الرافضة، وقولهم ظاهر البطلان؛ فإن الإسلام لم يزل عزيزا في ازدياد وفي ازدياد في زمن هؤلاء. نعم.


(1) الترمذي : المناقب (3860).
(2) سورة النمل: 48
(3) سورة البقرة: 196
(4) سورة الأعراف: 142
(5) سورة الفجر: 1 - 2
(6) البخاري : صلاة التراويح (2021) , وأبو داود : الصلاة (1381) , وأحمد (1/259).
(7) البخاري : الجمعة (969) , والترمذي : الصوم (757) , وأبو داود : الصوم (2438) , وابن ماجه : الصيام (1727) , وأحمد (1/224) , والدارمي : الصوم (1773).
(8) البخاري : الأحكام (7223) , ومسلم : الإمارة (1821) , والترمذي : الفتن (2223) , وأبو داود : المهدي (4279) , وأحمد (5/99).


 مواد ذات صلة: