شرح العقيدة الطحاوية
حسن القول في الصحابة وأمهات المؤمنين فيه براءة من النفاق

حسن القول في الصحابة وأمهات المؤمنين فيه براءة من النفاق

ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المطهرين من كل رجس فقد برئ من النفاق .


نعم من أحسن القول في أصحاب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأحسن القول في أزواجه وذريته فقد برئ من النفاق، ومن طعن في الصحابة وطعن في أمهات المؤمنين وفي ذرية النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا لمرض في قلبه ونفاق في قلبه، نسأل الله السلامة والعافية.

فأهل الحق يحسنون القول في الصحابة وأمهات المؤمنين وعلماء السلف والتابعين وأهل الخير وأهل الفقه، وهذا فيه براءة من النفاق، والرافضة أول من أحدث الرفض، الرفض هو تولي أهل البيت ورفض بقية الصحابة.

وأول من أحدثه منافق زنديق هو عبد الله بن سبأ اليهودي الحميري من أهل اليمن وقصده إبطال دين الإسلام وإفساده بمكره وخبثه، وطريقته التي سلكها أولا: إظهار التنسك والتعبد، ثم إظهار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى سعى في فتنة عثمان وقتله بطريق الأمر والنهي ثم لما قدم الكوفة أظهر الغلو في علي والنصر له ليتمكن بذلك من الرفض والرفض هو باب الزندقة.

وسبب ذلك أن أول من أحدثه منافق زنديق يظهر الخير ويُضْمِر الشر وهو عبد الله بن سبأ كما حكاه أبو بكر الباقلاني عن الباطنية، كيفية إفساد الباطنية لدين الإسلام ومقالتهم للداء، هو أنهم يظهرون غير ما يبطنون، الباطنية يظهرون غير ما يبطنون ويقولون للداعي يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلما أن تجعل التشيع عنده دينك وشعارك، واجعل المدخل من جهة ظلم السلف لعلي وقتلهم الحسين والتبرى من تيم وهم قبيلة أبي بكر وعدي وهم قبيلة عمر وبني أمية قبيلة عثمان وبني العباس وأن عليا يعلم الغيب ويفوض إليه خلق العالم.

فإن وجدت منه عند الدعوة إجابة ورشدا أوقفته على مثالب علي وولده -رضي الله عنهم- أي طريقته، أولا يدعون إلى علي وأنه يعلم الغيب، فإذا استجاب لهم أطلعوه على عيوب علي وأهل البيت حتى يتبرأ من هؤلاء ومن هؤلاء.

الرد عليهم ببيان كيفية إبطالهم لدين الإسلام، وهذا من أعاجيب الشيعة فإنهم إنما ينصرفون من سب الصحابة إلى سب أهل البيت وأهل بيته من أصحابه، ثم آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والواجب على المسلم موالاة المسلمين جميعا والصحابة من الدرجة الأولى، الصحابة وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (1) وجه الدلالة أن الله قرن المؤمنين بالله ورسوله في الوعيد على من شاقهم فدل على وجوب موالاتهم.

الأعذار في أقوال العلماء المخالفة للأحاديث الصحيحة إذا وجد لبعض العلماء قول يخالف حديثا صحيحا، فلا بد له من عذر، وجماع الأعذار في مخالفتهم له:

أولا: عدم اعتقاده حديثا وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، يعني ما اعتقد أنه حديث.

ثانيا: عدم اعتقاده أنه أراد تلك المسألة بذلك القول، ففهم أنه في غير محل النزاع.

الثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ.

الرابع: عدم بلوغه الحديث واطلاعه عليه.

هذه أعذار العلماء إذا خالفوا الحديث إما أنه ما اعتقده حديثا أو اعتقد أنه ما أراد تلك المسألة بذلك القول، أو اعتقد أن الحكم منسوخ أو ما بلغه الحديث، وقد ألف شيخ الإسلام -رحمه الله- رسالة في هذا في أعذار العلماء "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" أو قريب من هذا اسم الرسالة.

فضلهم ومنتهم علينا، للسلف الفضل والمنة علينا بأمور: بالسبق وتبليغهم ما أرسل به الرسول إلينا وإيضاح ما كان يخفى علينا وشرحه وتبينه. نعم.


(1) سورة النساء: 115


 مواد ذات صلة: